يا ليالي الشوق عودي،
واشعلي الوجْدَ وزيدي،
فقد خَمّتْ ليالينا،
وجَفّتْ مآقينا،
ولم يَعُد يُجْدينا ويُحْيينا،
سوى شوقٍ يعَنّينا ويُضْنينا،
ويُشعل كل ما فينا،
من عفَنٍ وغسلينا...
نوّامةٌ ليالينا،
باردةٌ كالموت،
ساكنةٌ كالقبر،
ضائعةٌ كالتّيه،
فارغةٌ كالظلمة،
فيا ليالي الشوق عودي،
وقرّحي الأجفانَ،
وأيقظي النوّامَ،
واسكبي النيرانَ،
في أجواف موتانا،
مَلَّنا الليلُ، بكانا شكانا، وإلى ربه نَعانا:
يا ربُّ: ما آنستُ ناراً،
ولا وجدتُ اصطلاءً،
أين الدموع الضارعات،
والأفئدة الراجفات،
والضمائر القادحات؟!
يا ويح الظلام،
ما أشرقَ ولا أورق،
ولا فاحَ ولا أزهر،
ولا بالنور أغدقَ واغدودق،
فيا ليالي الشوق عودي وأعيدي:
يقظات الخلود، الفائضاتِ الوجود،
المزدهراتِ الواجداتِ،
الساكباتِ الدمع الشاجنات،
الصابغات الآفاق، بمُذابِ الأشواق،
ومَدَامِعِ الآماق،
يا ليالي الشوق عودي،
وعَطّري ليلَ الوجود،
وأطوِعنا المسافاتِ،
والليالي الضارعاتِ...
وواصلينا، وبالوصال الموعود بشرينا،
وإلى لجج الأشواق ادفعينا،
لا تتركينا.. لا تتركينا...
يا سماء الشوق عودي وأشرقي، وامنحينا:
لَيالينا الصافياتِ، بالنور مترعاتِ،
راكعاتٍ ساجداتِ، خائفاتٍ راجيات،
يا روحنا المحزون، يا دفين الليل،
يا مطوياً بين الظلمات،
متى تشقُّ الأكفانَ،
ومن سحيق الهوَّاتِ تنبعث؟
ونجماً في سماء الشوق تتلألأ وتنير...